مبدأ الشرعية الجنائية، هو أحد ركائز التشريع الجنائى ،ويقصد به أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، مما يعنى حصر الجرائم والعقوبات فى القانون المكتوب وجعله دون غيره مصدراً للتجريم والعقاب؛ فلا يُجرم فعلاً لم يجرمه القانون، ولا يُقضى بعقوبة دون ما نص عليها القانون.

ولعل ما شٌرع له هذا المبدأ هو ضمان عدم المساس بالحرية الشخصية، إلا أن الاخيرة ذاتها تقيد من محتواه، فيكون إنفاذ هذا المبدأ بالقدر وفي الحدود التي تكفل صونها.

حيث صيغت فيه النصوص العقابية واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض ولا شبكاً أو شراكاً حتى تتثنى بينة حقيقتها فلا يكون هناك سلوك مجافيًا لها، بل اتساقاً معها ونزولاً عليها؛ ومن ثم لا يجوز إعمال نصوص عقابية بما يسئ تطبيقها أو تفسيرها بما يخرجها عن معناها أو مقاصدها، ولا تجاوز نطاق التجريم لأفعال لم يؤثمها المشرع.

بل وينبغى فى حالة الشك الأخذ بالتفسير الأصلح للمتهم؛ إذ أن الأصل فى الأشياء الإباحة، والخروج عن هذا الأصل يُوجب النص المكتوب، أما العودة إليه بالاباحة فيوجب الاستناد إلى العرف كمصدر غير مكتوب.

وعملاً بمشروعية ودستورية مبدأ الشرعية الجنائية؛ قُيدت سلطة القاضي في حكمه حتى لا يأثم أفعالا ينتقيها ، ولا يقرر عقوبتها وفقاً لاختياره، ومن ثم يحظر على القاضي تجريم واقعة لم يجرمها المشرع، ويحظر العقاب على غير ما حدد له عقوبة أو تدبير.

نشير هنا الى احد القضايا، حيث قدم المتهم الى المحاكمة بتهمة مزاولة مهنة الصيدلة دون ترخيص على سند من انه ادار صيدلية بدون ترخيص، وقضت المحكمة بإدانته بعقوبة الحبس لمدة سنة وتغريمه مبلغ مائتى جنيها

تم الطعن على الحكم بالنقض على سند من أنه لا يجوز ادانة الطاعن عن جريمة مزاولة مهنة الصيدلة دون ترخيص لمجرد إدارة الطاعن لصيدلية بدون ترخيص، لان القانون عرف مهنة الصيدلة بأنها تجهيز أو تركيب او تجزئة اى دواء وهو ما لم يقترفه المتهم

وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه و ببراءة الطاعن ، وقالت فى أسباب ذلك أن القانون رقم 127 لسنة 1955 فى شأن مزاولة مهنة الصيدلة انه عرف ما يعتبر مزاولة لتلك المهنة بانه تجهيز أو تركيب اى دواء او عقار او نبات طبي أو مادة صيدلية تستعمل من الباطن أو الظاهر او بطريق الحقن لوقاية الانسان او الحيوان من الامراض او علاجه منها او توصف بان لها هذه المزايا، وواضح من تعريف القانون لمزاولة مهنة الصيدلة أنه قصرها على أعمال تجهيز الدواء او تركيب او تجزئته وليس مجرد ادارة الطاعن للصيدلية دون الحصول على ترخيص؛ الأمر الذي يستوجب نقض الحكم وبراءة الطاعن مما اسند اليه.

The content of this article is intended to provide a general guide to the subject matter. Specialist advice should be sought about your specific circumstances.